کد مطلب:240919 شنبه 1 فروردين 1394 آمار بازدید:118

المحکم و المتشابه
القرآن الكریم مشتمل علی الآیات المحكمة و المتشابهة قال تعالی: «هو الذی أنزل علیك الكتب منه ءایت محكمت هن أم الكتب و أخر متشبهت فأما الذین فی قلوبهم زیغ فیتبعون ما تشبه منه ابتغاء الفتنة و ابتغاء تأویله و ما یعلم تأویله إلا الله و الراسخون فی العلم» [1] .

مادة المحكم و المتشابه جاءت فی الكتاب العزیز فی آیة: «كتب أحكمت ءآیته ثم فصلت من لدن حكیم خبیر»، [2] أی آیاته بعد تفصیلها و تكثرها بعد النزول حالها كما كانت قبل النزول فی الإحكام و الإتقان و بهذا المعنی القران كله موصوف بذلك، و فی آیة: «كتبا متشابها مثانی»، [3] الكتاب العزیز كله متشابه اذلم یخصصه تعالی بقسم منه بل وصف الكتاب كله بالمتشابه فی هذه الآیة، و المراد مشابهة بعضه لبعض فی الهدایة و البلاغة و السلامة من التناقض و الاختلاف كما قال عزوجل: «و لو كان من عند غیر الله لوجدوا فیه اختلافا كثیرا». [4] و أما ما جاء فی آیة من سورة آل عمران التی تلوناها آنفا فهو غیر المحكم و المتشابه المنعوت به القرآن كله بل منه محكم و آخر متشابه فلابد من معرفتهما حتی لایشتبه بین هذین و ذینك و قد كثر فی معنی المحكم



[ صفحه 141]



و المتشابه أقوال العلماء و ربما أنهیت إلی عشرین تفسیرا لایسمع المقام ذكرها.

و هل هذه الآیة هی من الآیات المحكمة أو المتشابهة؟

و عندی أنها من المحكمات بقرینة التقسیم و ذكر هما فیها معا و یراد بهما المعنی اللغوی الذی یعرفه الناس و أن المحكم أصل الكتاب المنزل للهدایة لایفتقر إلی بیان لوضوح معناه كقوله تعالی: «و كان الله علی كل شی ء مقتدرا». [5] و أما المتشابه فلا یعلم تأویله و تفسیره إلا الله و الراسخون فی العلم و هم الأئمة المعصومون علیهم السلام لاحتماله للمعانی الكثیرة المتشابهة بمعنی الالتباس التی ربما خالفه العقل و النقل كقوله تعالی «الرحمن علی العرش استوی». [6] و من ثم جاء الأمر بالعلم بالأول دون الثانی كما فی صادقی: «المحكم ما یعلم به، و المتشابه ما اشتبه علی جاهله». [7] و آخر: «إن القرآن فیه محكم و متشابه فأما المحكم فنؤمن به و نعمل به و ندین به، و أما المتشابه فنؤمن به و لانعمل به». [8] دل الحدیثان علی أن العمل بالمحكم و الإیمان به واجب دون المتشابه فإن العمل به ممنوع وراء الإیمان به فلو لم یكن المحكم مبینا المراد لما وجب العلم به، لأنه فرع العلم بخلاف المتشابه فلا یطلب غیر الإیمان به لعدم اتضاح المراد منه إلا بعد ورود التفسیر و التأویل من الراسخین من آل محمد صلی الله علیهم أجمعین.

و أما اختلاف العلماء فی تفسیر المحكم و المتشابه فلا یصلح دلیلا علی كون الآیة المشتملة علی المحكم و المتشابه مجملة و متشابهة غیر محكمة، لأنهم یتكلمون علی القواعد المتكثرة التی فی أیدیهم و من شاء نظر إلیها [9] .

فلنعد إلی الحدیث الرضوی

أما قوله علیه السلام: «من رد متشابه القرآن إلی محكمه هدی إلی صراط مستقیم» فدلیل علی ما قدمناه من وضوح معنی المحكم إذ لو لم یكن واضح المعنی كیف یمكن رد المتشابه إلیه علی أن قوله تعالی: «هن أم الكتب» أی أصله الذی یبنی علیه



[ صفحه 142]



و یرجع إلیه ففیه دلالة علی رد المتشابه إلی المحكم و العمل علی طبقه و الحدیث الرضوی و كذا الصادقیان علیهما شاهد من القرآن فیؤخذ بهما كما فی صادقی: «إذا ورد علیكم حدیث فوجدتم له شاهدا من كتاب الله أو من قول رسول الله صلی الله علیه و آله و إلا فالذی جاء كم به أولی به» [10] .

قوله علیه السلام: «إن فی أخبار نامتشابها كمتشابه القرآن» أی فكما یجب رد متشابه القرآن إلی محكمه یجب رد متشابه الحدیث إلی محكمه فإن فی روایات أهل البیت علیهم السلام ما لایحتمله إلا من هداه الله إلی الولایة و استنار بنورها ففی باقری: «حدیثنا صعب مستصعب لایؤمن به إلا ملك مقرب أو نبی مرسل أو عبد امتحن الله قبله للإیمان فما عرفت قلوبكم فخذوه و ما أنكرت فردوه إلینا» [11] .

و معنی رده إلیهم ترك الإنكار و عدم تفسیره بالقیاس و الاعتبار العقلی كما فی المتشابه القرآنی لیس لنا تفسیره بالرأی و اتباع ما وافق ذلك فإنه أولا یشمله قوله تعالی: «فأما الذین فی قلوبهم مرض فیتبعون ما تشبه منه»، و ثانیا النهی الوارد ففی نبوی: «من قال فی القرآن بغیر علم فلیتبوأ مقعده من النار»، [12] و صادقی: «ما ضرب رجل القرآن بعضه ببعض إلا كفر» [13] .

و لابد من السؤال منهم و التمسك بهم و الأخذ عنهم لاالعمل بالقیاس و الرأی فقد جاء النهی لعله فی مئة و ثلاثین حدیثا.

و فی باقری «و یحك یاقیادة إنما یعرف القرآن من خوطب به». [14] .

و صادقی: «و یحك أیهما أعظم قتل النفس أو الزنا؟ فقال - أی أبوحنیفة - قتل النفس، قال: فإن الله عزوجل قد قبل فی قتل النفس شاهدین و لم یقبل فی الزنا إلا أربعة». [15] .



[ صفحه 143]




[1] آل عمران: 7.

[2] هود: 1.

[3] الزمر: 23.

[4] النساء: 82.

[5] الكهف: 45.

[6] طه: 5.

[7] تفسير البرهان 271:1.

[8] في المقدمة الرابعة من تفسير الصافي 18:1.

[9] تفسير الميزان 49 - 19/3، و تفسير المنار 196 - 163/3.

[10] الوسائل 78:18.

[11] بصائر الدرجات 41.

[12] الوسائل 140:18.

[13] الوسائل 125:18.

[14] المصدر السابق ص 129.

[15] الوسائل 29:18 و تمامه: «ثم أيهما أعظم؟ الصلاة؟ أم الصوم؟ قال: الصلاة قال: فما بال الحائض تقضي الصيام و لاتقضي الصلاة؟ فكيف يقوم لك القياس فاتق الله و لاتقس». و الروايات في ذلك كثيرة كما ذكرنا.